Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
العمل والمال

هل يجب أن تكون الأجور مقابل العمل عن بعد على أساس الموقع الجغرافي؟


لم يدرك في البداية أنَّ المكان الذي يعيش فيه ساهم في تحديد مقدار المال الذي يتلقاه، فقد ظن أنَّه يقوم بعمله وسيتقاضى أجراً مناسباً مقابل تلك الوظيفة، وقد قال: “من السذاجة أن أفكِّر بتلك الطريقة”.

ولكن عندما تولَّى مناصب إدارية في شركة “أوبن دي إن إس” (OpenDNS) ولاحقاً لشركة “سيسكو” (Cisco) التي استحوذت عليها، قال “براين”: “كان من الواضح جداً أنَّ هناك فكرة مفادها أنَّ “العمالة الرخيصة” إحدى فوائد توظيف الأشخاص عن بُعد”.

أدرك “هارتفيغسن” في نهاية المطاف أنَّه كان يتقاضى أجراً أقل من أقرانه؛ وذلك لأنَّه كان يعمل في مدينة “بويز” (Boise)؛ حيث قال: “لقد كان خذلاناً كبيراً؛ لسببٍ ما، كان موقع عملي الجغرافي يعني أنَّني أقل قيمة، وهذا أمرٌ مؤسف ومقرف ومثبِّطٌ أيضاً”.

كان من الممكن لـ “هارتفيغسن”، بصفته مديراً، الاطلاع على نطاقات الأجور اعتماداً على الموقع الجغرافي لكل منصب يتبع له؛ حيث قال: “إنَّ ما يزعجني ليس وجود تقارير عن تقاضي أجور أعلى مما أتقاضى أنا، ولكنَّ المزعج أن يكون الموقع الجغرافي هو السبب وراء اختلاف الرواتب، فعندما يكون السبب الوحيد الذي يجعلهم يكسبون أموالاً أكثر مني هو المكان الذي يعيشون فيه، وليس العمل الذي يقومون به، فهذه مشكلة بالنسبة إليَّ.

مع العلم أنَّه إذا قدَّمت عرضاً للمنصب نفسه بالضبط لشخص يعمل في “سان فرانسيسكو” (San Francisco)، مقابل شخص يعمل في “أوستن” (Austin) في ولاية “تكساس” (Texas)، مقابل شخص يعمل في “بويز” (Boise) في ولاية “أيداهو” (Idaho)، سيكون هناك ثلاثة جداول أجور مختلفة؛ وعلاوةً على ذلك، ثلاث مكافآت مختلفة لبدء العمل، وكانت ستتغير مبالغ التعويض بأكملها تغيُّراً كبيراً استناداً إلى المكان الذي أنت فيه، لم أشعر أبداً أنَّ ذلك عادل.

لم يكن الراتب هو فقط ما يستند إلى المكان الذي يعيش فيه الأشخاص، ولكن كان أيضاً الحد الأدنى لحصة شخص يعمل من مدينة “بويز” (Boise) في أسهم الشركة سدس الحد الأدنى لحصة شخص يعمل فيها من منطقة “خليج سان فرانسيسكو” (San Francisco Bay Area)؛ وهذا أمرٌ مبالغ به”.

ورفض متحدِّثٌ باسم شركة “سيسكو” (Cisco) ذِكر تفاصيل كيفية تحديد الرواتب ومخصصات الأسهم بناءً على الموقع الجغرافي، وقال لموقع “هاف بوست” (HuffPost): “نحن نصمم حِزم التعويضات الخاصة بنا لتكون قادرة على المنافسة مع أسواق المواهب المحلية، وتقييم كل موظف على حدة لتحديد مستوى الأجور المناسب لدوره وخبرته وأدائه. كما نقوم بمراجعة مستويات التعويض بانتظام، لضمان دفع رواتب الموظفين بشكل عادل وتنافسي بين كل من السوق وزملاء العمل في “سيسكو” (Cisco)، بصرف النظر عما إذا كان الشخص يعمل في مكتب أو عن بُعد”.

شاهد بالفديو: كيف تجعل العاملين عن بعد أكثر انخراطاً في العمل؟

 

وقال “هارتفيغسن” إنَّه انتقل إلى منطقة “سان فرانسيسكو” (San Francisco) للعمل في شركة “أوبن دي إن إس” (OpenDNS)، لكنَّه أسس حياته في مدينة “بويز” (Boise)، ولم يشأ أن يغيِّر المكان الأساسي الذي نشأ فيه أولاده الأربعة؛ حيث قال: “أعيش حياةً كريمة، لكن لم يكن في إمكاني الانتقال مع عائلتي إلى منطقة “خليج سان فرانسيسكو” (San Francisco Bay Area) وشراء منزل فيها، حتى عندما تضمَّنت عروض العمل الأخرى المساعدة على الانتقال، كنتُ ما أزال متأخراً من حيث الاستقرار المالي مقارنةً بشخص آخر في مثل عمري وموقعي في مسيرتي المهنية وكان قد قضى طوال وقته في هذه الأسواق”.

على الرغم من أنَّ “هارتفيغسن” قال إنَّ فَرق الأجور القائمة على الموقع لم تكن سبباً مباشراً في مغادرة “سيسكو” (Cisco) هذا الصيف، إلا أنَّه كان شيئاً سأل عنه أرباب العمل الجدد المحتملين في مقابلات العمل.

قال: “لم أكن أرغب في الاستمرار في هذه المجال، ليس فقط من أجلي، ولكن أيضاً من أجل الذين أوظِّفهم، فإذا قمتُ بتعيين شخص ما في “بويز” (Boise) يقوم بالعمل نفسه الذي يقوم به شخص ما في منطقة “خليج سان فرانسيسكو” (Bay Area San Francisco)، فيجب أن يُعوَّضا بالتساوي”.

تتخلَّص بعض الشركات من مقاييس الأجور حسب مكان الإقامة:

كانت جائحة “فيروس كورونا” بمنزلة تنبيه لكل من أرباب العمل والموظفين؛ وذلك لأنَّ الطريقة القديمة لممارسة العمل لم تكن تُجدي نفعاً، على الأقل بالنسبة إلى الجميع، فقد وجد استطلاع أُجرِي في تموز (يوليو) عن الأمريكيين الذين بدؤوا العمل عن بُعد في أثناء الجائحة، أنَّ 65% منهم قالوا إنَّهم على استعداد لتخفيض رواتبهم بنسبة 5% لمواصلة ذلك بدوام كامل.

وقد لاحظت الشركات، بما فيها شركة المحاسبة “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC)، وشركات التكنولوجيا الكبرى بما في ذلك “فيسبوك” (Facebook)، و”مايكروسوفت” (Microsoft) و”غوغل” (Google) هذا المطلب؛ حيث تمنح الآن الموظفين الفرصة لمواصلة العمل من المنزل كما أرادوا، ولكنَّهم جعلوا تعديلات الرواتب المحتملة شرطاً للقيام بذلك في الأسواق الأقل تكلفة.

واتَّبع عدد متزايد من الشركات نهج العمل حسب المكان الذي يرغب فيه الموظفون للدفع، وألغى في العام الماضي موقع “ريديت” (Reddit) مناطق التعويض الجغرافي للموظفين الأمريكيين، وأعلن أنَّه سيربط بدلاً من ذلك مستويات الأجور بالمناطق عالية التكلفة مثل “سان فرانسيسكو” (San Francisco) و”نيويورك” (New York)، بصرف النظر عن المكان الذي يعيش فيه الموظفون الأمريكيون.

وقرَّرت شركة البرمجيات السحابية “أوكتا” (Okta) في “نيسان” (أبريل) التوقف عن إجراء تعديلات على الرواتب عندما ينتقل الموظفون، ما لم يكن الانتقال إلى بلدٍ جديد أو إلى وظيفة جديدة.

وفي الشهر الماضي، أعلن “دان سبولدينج” (Dan Spaulding)، كبير مسؤولي الموظفين في شركة “زيلو” (Zillow)، أنَّ فئات تعويضات الشركة ستكون مرتبطة الآن بالدور والمسؤوليات والأداء، وأنَّه يمكن للموظفين الانتقال داخل “الولايات المتحدة” (U.S) و”كندا” (Canada) دون غرامة على الراتب.

كتب “سبولدينج” (Spaulding) في منشور على منصة “لينكد إن” (LinkedIn): “عندما تعمل لدى شركة “زيلو” (Zillow)، تُحدَّد إمكاناتك في تحقيق الأرباح على الأمد الطويل من خلال طريقة أدائك، ولن يقتصر ذلك على المكان الذي تعيش فيه”.

وقال “دانيال تشاو” (Daniel Zhao)، كبير الاقتصاديين في الموقع الأمريكي “غلاسدور” (Glassdoor): “يعتقد معظم العمال خطأً أنَّ الشركات تُعدِّل الأجور جغرافياً على أساس تكلفة المعيشة، ولكن تُعدَّل بالفعل على أساس تكلفة العمالة، وأنَّ الشركات تدفع أجوراً قياسية مقابل منافسين آخرين في هذا المجال؛ لذلك إذا رأوا منافسين آخرين يرفعون الأجور، فعليهم زيادة الأجور أيضاً”.

ازداد عدد الشركات التي تحدِّد الأجور على أساس مكان إقامة الموظفين منذ بداية الجائحة، بدلاً من المكان الذي تقع فيه مكاتب الشركة، وكانت 32% من الشركات تستخدم موقع مقرَّاتها لتحديد رواتب الموظفين عن بُعد قبل الجائحة، وفقاً لاستطلاع “باي سكال” (Payscale)، الذي أجراه في صيف 2020 مسؤولو الموارد البشرية والمسؤولون عن التعويضات الذين عملوا في الغالب في مجال التكنولوجيا وأيضاً في مجالات أخرى كالتصنيع والمؤسسات غير الربحية والمالية، وقد انخفض هذا العدد إلى 17% بعد بدء الجائحة.

قالت “آمي ستيوارت” (Amy Stewart)، التي كتبت نتائج تقرير “باي سكال” (Payscale) “حالة العمل عن بُعد”، والذي نُشِرَ على موقع “هاف بوست” (HuffPost) إنَّ الشركات تحسب عادةً جداول الأجور الإقليمية من خلال تطبيق “الفارق الجغرافي”، وهو تباين في النسبة المئوية يضبط الأجر مقابل الفَرق في تكلفة العمالة بين المواقع.

وأشارت إلى أنَّه على الرغم من أنَّ دفع أجور العمال عن بُعد بناءً على موقع رب العمل، يمكن أن يجعل رب العمل منافساً عندما يكون مقره في منطقة باهظة الثمن، إلا أنَّه لا يعمل بالعكس.

ولكنَّ العديد من الشركات التي تخلَّت علناً عن دفع الفروق في الأجور على أساس جغرافي موجودة في مناطق باهظة الثمن، وتتخذ من رغبتها في البقاء في موقع المنافسة سبباً لذلك، وقال موقع “ريديت” (Reddit)، في مدوَّنة عن التغيير: إنَّنا سنجذب “أفضل المواهب من خلال عدم مطالبة الأشخاص بتغيير مواقعهم وزيادة تنوُّع القوى العاملة لدينا في هذه العملية”.

هل من العدل أن نواجه تعديلاً في الأجور بسبب تغيير مكان العمل أو العمل عن بُعد؟

عندما بدأت الجائحة بالتفشي، فكر “إيان وايت” (Ian White)، الرئيس التنفيذي لشركة “هارتفيغسن” (Hartvigsen) في “تشارت هوب” (ChartHop)، فيما إذا كان ينبغي أن يكون هناك تعديل على أجور العاملين على أساس الموقع؛ حيث انتقل بعض موظفيه بعيداً عن مقر الشركة في “مدينة نيويورك” (New York City)، لكن في النهاية، وصل “وايت” دون تفكير إلى أنَّه ليس عليهم تنفيذ ذلك.

وقال: “من الواضح جداً أنَّه من الأسلم بالنسبة إلى الجميع أن يثقوا بأنَّهم يتلقون الأجر نفسه مقابل العمل نفسه، ومن ثم يمكنهم اتخاذ الخيارات وفقاً لذلك”.

وقال “وايت” إنَّه لو كان قد باشر بخفض الأجور على أساس الموقع، لوَجَّه إليه ذلك اتهاماتٍ بفرض الرقابة على أماكن وجود الموظفين، وأضاف أنَّه يتعين على بعض الشركات قياس ما إذا كان الموظفون يعيشون بالقرب من منطقة المترو بما فيه الكفاية بحيث تنطبق عليهم تكلفة المعيشة في منطقة المترو، وأضاف أيضاً: “لم أكن أريد التعامل مع أي من ذلك”.

قالت الكوتش المهنية “نادية دي آلا” (Nadia De Ala) إنَّ التخفيضات في الرواتب على أساس جغرافي، يمكن أن تعزز أيضاً عدم المساواة بين النساء والأشخاص ذوي البشرة السوداء، الذين يواجهون بالفعل ثغراتٍ في الأجور مقارنةً بأقرانهم من الذكور البيض.

حيث تكسب واحدة من كل أربع نساء عاملات، وفقاً لتحليلات “مركز بيو للأبحاث” (Pew Research Center)، أجراً أقل من الرجل الذي يؤدي الوظيفة نفسها، على الرغم من أنَّ 5% فقط من هؤلاء الرجال تلقوا تعليماً أقل مما تعلَّمَته المرأة التي تقوم بالوظيفة نفسها.

تقول “دي آلا”: “يشعر زبائني من النساء، في الكثير من الأحيان، بالتعاسة لأنَّهم يكتشفون بشيءٍ من الدهشة، مقارنة بنظائرهم من الذكور البيض عادةً، أنَّهم يتلقون أجراً أقل بآلاف الدولارات مقابل العمل نفسه”.

بالإضافة إلى هذه الآلاف من الدولارات، تُعَدُّ النساء السود واللاتينيات الأكثر ميلاً إلى أن يكونوا ربات أسرة والعائل الوحيد لأسرهن، والنساء ذوات البشرة الملونة هن أيضاً الأقل قدرةً على تغطية خسارة الدخل، مثل خفض الأجور لقاء الانتقال أو العمل عن بُعد.

شرحَت إحدى عميلات “دي آلا” (De Ala) التي كانت تواجه انخفاضاً في الراتب بسبب انتقالها خلال المقابلات الإعلامية، أنَّها كانت تتقاضى مسبقاً أجراً منخفضاً بناءً على موقعها الأصلي.

تقول “دي آلا”: “أتخيل أنَّه من الصعب جداً بالنسبة إلى موكلتي أن تشعر بالثقة، ومن حقها أن ترفض وتستنكر هذا الشعور بعدم المساواة بين العاملين”.

عندما يعمل الناس عن بُعد، يمكنهم أيضاً تحمُّل عبء مالي في الوقت نفسه الذي يساعد فيه القرار الشركات على الربح؛ حيث يمكن للأشخاص الذين يعملون في المنزل تحمُّل بعض التكاليف، مثل إنشاء وصيانة مكتب ودفع ثمن الإنترنت عالي السرعة والكهرباء التي كان يغطيها رب العمل.

قالت “دانيل كلارك” (Danelle Clark)، اختصاصية إدارية في المرافق العامة، في وقت سابق لموقع “هاف بوست” (HuffPost)، إنَّ اختيار البقاء بعيداً في أثناء الجائحة أدى إلى خفض الأجور بنسبة 10%، يفوق ما توفره من إلغاء تنقلاتها القصيرة.

وقالت: “أنا شخصياً لا أوافق على خفض راتب العمل من المنزل، فأنا أحقق إنتاجاً بقدر إنتاجي نفسه في أثناء العمل من المكتب، إن لم يكن أكثر من ذلك، ولم أحصل على أيَّة معدات إضافية، لقد زُوِّدتُ بجهاز حاسوب محمول وشاشة، دون أي نوع من المقاعد أو المكاتب المخصصة للعمل”.

اقترح “تشاو” أنَّ الشركات التي تطبِّق تعديلات جغرافية على الرواتب قد تدرس مقدار تأثيرها في معنويات الموظفين وتراهن على مستقبل العمل عن بُعد، فقد قال: “إذا كان العمل عن بُعد بعد خمس سنوات من الآن يمثل 5% فقط من سوق العمل، فقد لا تكون هناك منافسة كافية لدفع تكلفة العمالة المحلية إلى المعدلات التي قد تراها في منطقة “خليج سان فرانسيسكو” (San Francisco Bay Area)، و”مدينة نيويورك” (New York City)”.

يقول “وايت” كذلك: “الكثير من الشركات التي تقدِّم أجوراً تعتمد على الموقع أو تقوم بتخفيضات في الأجور على أساس الموقع، نوعاً ما ستعود إلى مكتبها مرة أخرى، وهم يريدون تقريباً تحفيز الموظفين على العودة إلى المكتب”، وقال أيضاً: “إنَّ ميزة عدم القيام بمثل هذه التخفيضات والحسابات في الأجور هي أنَّها تبعث برسالة أفضل”.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى